mohammed2597
06-06-2008, 04:53 PM
الحوار السياسي: مميزات اللغة الحوارية العربية
قد لا تختلف لغة الحوار السياسي عن الحوار العام، اللهم في اختلاف طرح موضوعهما
المتمثل في صراع المصالح كبديل للحوار الذي يشمل الجوانب الثقافية و الاجتماعية ، إلا انه
متشابه في البنيات الحوارية التي تستند على الأسلوب الحضاري في طرح موضوعه بطبيعة
سياسية، فهو لغة لفض النزعات و الخلافات المتولــــــــــــــدة عن الصراعات و التصادمات
البشرية، في تضارب المصالح و الحقوق فيما بينا للحفاظ عليها أو كسبها ، فموضوعنا اليوم
يحدد طبيعة هذه اللغة عند المجتمع العربي في بناء حوار سياسي راق .
1—الحوار السياسي فطرة بشرية
لقد تطلب استيعاب خلق الإنسان و استخلافه على الأرض، حوارا إلهيا، تميز بالجرأة و التنبه لأهميته هذا الاستخلاف، وهو شرف رباني حضا به أدم، و بنيت على أساسه سنة بشرية حوارية طبعت في فطرته، فاستخدمها الإنسان في حواره مع ذاته لكي يستوعب نواميس الكون و المحيط ، ثم حواره مع الأخر في ضل التعايش الجماعي و الذي تطور فيما بعد إلى بناء الحضارة، التي همت كل المجالات و منها المجال السياسي.لكنه ظهر الخلاف منذ النشأةفي معارضة إبليس لهذا الخلق و هذا الاستخلاف بمتوعداته لشحن هذه اللغة بدوافع الصراع و التصادم.
2—ضرورة العودة للحوار مع الآخر من جديد حتمية لا بد منها
لقد كانت العودة ملحة إلى الحوار مع الآخر بعد أن نفذت كل الوسائل التي لم تستطع توقيف التصادم و الصراعات كالحروب الطويلة النفس (الآنية مثل حرب العراق) ، دفع بالشعوب المتضررة بدافع العروبة مثلا أو الدين إلى مناهضة مثل هذه الصراعات، فكثفت من أنشطتها الاجتماعية و السياسية لنبد كل أشكال العنف المتولد من الخلاقات السياسية وذلك بالتظاهرات و الاحتجاجات، كتعبير منها على وعيها بأهمية الحوار السياسي بصفة فردية أو جماعية و معارضة أي خرق سافر من شأنه أن يحرم و يقيد الإنسان في ممارسته حقه وحريته الإنسانية .
إنها الحاجة الملحة التي تركز على الحوار الفردي و الجماعي لتذليل العوائق والنزاعات بنفس الأهمية الحاجة التي يكتسيها أيضا ممارسة الحوار على أرض الواقع . صحيح قد يجد النهج الحواري عوائق تؤدي إلى فشله، لا من حيث طبيعة النزعات، و إنما من حيث مميزات لغته ،و التي تحل محلها خيارات عسكرية لتأكيد النزعات القومية الناجمة عن الإقصاء و التهميش السياسي، و بالتالي تفوق القوى المادية على حساب القوى التي تضمن التعايش السلمي لكن العوائد الوخيمة من هذا السلوك العنيف، و الذي لا يخلف سوى التشرد و الضياع ، الانفصال و الضعف، (كمشكلة السودان) يدفع بالتفكير من جديد إلى العودة للحوار مع الآخر لكن بمفهوم جديد أكثر واقعية يحتمل كل الخلافات و يضمن حقوق الآخر. و يسعى إلى تسييس الخلافات العالقة و المستعصية و طرحها بشكل واضح و شفاف يضمن معالجة مصادر النزاع القائم، ثم البث فيه لحله بلغة الحوار السياسي المتمكن .
3—تقنين الحوار مع الأخر بإعطائه مشروعية ذات صبغة مؤسساتية
ولضمان كينونة و سير الحوار السياسي، أو الحوار الذي من أجله تتضارب فيه مصالح وكيانات الأفراد و الجماعة ، وجب تقنينها بإنشاء مؤسسات تشترك فيها كل الفعاليات التي تهم مجالات تحرك الفرد و الجماعة، كالمجالات الثقافية و السياسية و الاجتماعية و التي تدعم و تسهر على سير الحوار السياسي ،وذلك بوضع الخطوط العريضة للخلافات من باب الأولويات لتحديدها، ثم استقرائها و تحليليها، و أخيرا طرحها على مائدة الحوار السياسي في جو تسوده الثقة لبناء حوار بناء يستطيع البث في أي خلاف بدون حساسية متولد من التخلف الناجم في لغة الحوار نفسها . و لا يتأتى كل هذا إلا بوجود هذه المؤسسات الساهرة على تنفيذ كل هذا.
4—عوائق و تحديات الحوار السياسي تكمل في اللغة الحوارية نفسها
1/ لغة الحوار
عندما نتحدث مع الأخر بلغة حوارية فإننا نعني الحوار بلغة الذات، أي الوعي بحوار ذاتي قبل الحوار مع الأخر، و على هذا المفهوم يصبح الطرف الأخر جزءا من ذاتنا لا يخرج كونه ذات بشرية، فنضع احتراما لحدود الخلاف مع الأخر، أي احترام حقوقه و مصالحه، وهي اللغة التي نسعى بها إلى احتواء كل خلافات أطراف النزاع فتصبح لغة حوارية واضحة المعالم يتقبلها الجميع، لكن هناك عوائق قبلية قد تراكمت بفعل عوامل تاريخية و أخرى اجتماعية ميزت اللغة الحوارية السياسية العربية .
2/غياب الوعي السياسي
و بحكم إطلاعي على مختلف أنماط اللغة الحوارية رأيت أن غياب الوعي السياسي يؤثر بشكل عام على اللغة الحوارية السياسي و التي استخلصتها من خلال مواضعي السياسية في حواري الحاد و الجريء في المواقع السياسية ، و بحكم مسيرتي النضالية في الساحة السياسية أيضا .
3/التخلف المرتبط بالنزعة القومية
إن التخلف المرتبط بالنزعة القومية و العصبية ،يولد انفعال حواري ينبني على أساس الصراع في إثبات الهوية و الذات، بخلاف الحوار الهادئ المتفاعل و الذي يعالج صلب الخلاف أو الفاقة الاجتماعية و السياسية المولدة لهذا الخلاف ، مما يعكس ذلك على لغة الحوار فتصبح غير قابلة لتمرير أي خطاب سياسي من شأنه الوصول للتفاهم مع الآخر.
4/ غياب النقد الذاتي
عدم قدرة بعض العقليات على مناقشة مشاكلها الداخلية و الذاتية، كالمتعلقة ببلدها أو جماعتها أو حزبها، معنى هذا أن لغتها الحوارية السياسة تفتقد روح النقد الذاتي لواقع معاش و حقيقي، فكلما كان الحور بعيدا على ملامسة الحقائق (الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية) كلما كانت ناجعة فعالته للوصول إلى حلول ضعيفة و هشة أيضا ، و معنى هذا أن الحوار نفسه يصبح رد فعل لفعل متقدم و هكذا..(جدلية سياسية عقيمة) إنه أشبه بحوار ارتدادي تطغى فيه لغة الرد على لغة التفاعل الذي يحطم تواثب الحوار النافع والذي يتطرق إلى حقائق الخلاف لا البحث عن نقط ضعف الأخر، و هذه هي اللغة التي لا تعني الحوار بثه
5/ اللغة الحوارية الإستباقية (حوار المبادرة)
إن وجود لغة حوارية متفطنة لحقائق الخلافات لدى الشعوب العربية تولد حوار المبادرة ذوا الكفاءة العالية، إنه الطرح السياسي بلغة حوارية إستباقية تتنبأ بتوقعات الخلافات و بالتالي يصبح من اليسر إيجاد حلول لها .فكلما زادت رغبة المتحاور في الحوار تقصى الذات ،تحل روح الجماعة التي ترصد المستقبل الذي يكون فيه الخلاف اقل حدة ،و العكس صحيح أي كلما كانت عوائد الحوار قليلة و الرؤية محدودة كانت رغبة المتحاور في سلوك وسائل متخلفة بلغة لا حوارية أكثر، إنه القصور في الرؤية و إدراك أبعاد الخلاف و نتائجه الوخيمة .
6/ طغيان لغة القوة و العنف في الحوار العربي
وحيث تميزت اللغة الحوارية للإنسان العربية بالقوة و العنف، معنى هذا أن العالم العربي الإسلامي أيضا يسعى إلى اتبات الدموية و الوطنية الحدودية في امتلاك محيط و أرضية الحوار معا ، بل وجدنا من يدعوا إلى الانفصال (جبهة البورساريوا التي تدعمها الجزائر في حلمها للامتلاك الصحراء المغربية) كتجسيد و تأكيد هذه السيطرة التي ميزت لغته تلك لكن الميدان العسكري له حسابات أخرى لفرض واقع حواري آخري يحمل كل الاعتبارات الحقوقية (المشروعية و الأحقية) .
7/ بروز لغة انفصالية في روح الحوار السياسي
ولهذا نجد أن اللغة السياسية الانفصالية تميزت دائما بالتلميح إلى استعمال السلاح و التهديد السلم، إنها في الحقيقة لغة متخاذلة لا تهتم بإيجاد الحلول العادلة، و إنما تهتم لخدمة مصالحها لتأكيد رغبتها الانفصالية (الأكراد بالعراق) ، في الحين و جدنا توحد العالم الغربي بإنشاء أقطاب جيوسياسية و اقتصادية ، بلغة حوارية اشتملت كل الخلافات و المتراكمات الهائلة نتيجة حروب طاحنة (الحربين العالمتين الحروب النزعات القومية) ، و التي بنت وحدة متكاملة أعطتها من القوة لسيادة العالم .
8/ بروز صور سلبية تحملها العقلية العربية في الحوار
تحمل العقلية العربية المتخلفة في الحوار السياسي صورة سلبية في رؤية الأخر، بأنه إسلامي متشدد أو لبرالي حلولي، و بالتالي التربص به و استهدافه كعقلية رجعية متخلفة أو خارجة عن الملة، أو تنمي إلى دول فقيرة وغبية فتشاع النكث و الحكايات (الإنسان السعودي و ما يحمل من غباء.الإنسان المغربية وسذاجته و فقره....) التي تبين بأن الآخر غبيا فكل هذه التحاملات تولد سوء الضن و انعدام الثقة فيرتفع الصوت و تندفع العشوائية ويسود الاستهزاء وتزداد حدة التربص بالآخر، كل هذه الأمور تطغى على اللغة الحوارية السياسية عندها تغيب كل المقومات التفاهم ويصبح الوصول إلى اتفاق مستحيلا.
9/ بروز أفكار تفاضلية من مخلفات الدين و الأعراف
أشير هنا لنقطة مهمة وهي أني أميز بين الخطاب الديني السياسي الراقي و هو موضوع آني يفتح الشهية للبحث فيه، و بين المخلفات و العوالق، نتيجة الفهم الرديء أو المتخلف في قيم و مفاهيم الدينة و الأعراف متولد عن ذلك، ذلك أن رؤية بعض العقليات للأخر رؤية كبريائية و متعجرفة، لا لي شيء سوى أنها لا ينهج السلوك الديني في لغته الحوارية السياسية وبالتالي وجب خضوع الآخر لها لأنه لا يفقه أمور دينه و دنياه في الحقيقة هذه الرؤية هي قمة في التخلف الموجود في عقلية الإنسان العربي الإسلامي بحسب رأيي ، فتكون لغته الحوارية حماسية سلطوية تركز على سلوك الفرد وشخصه و أخلاقه وبعيدة كل البعد عن جوهر الخلافات، وهذه صورة تنعكس على كل التجمعات الإسلامية الحزبية و التجمعات الجمعوية و أيضا حتى في الندوات و اللقاءات التي تحمل طابعا سياسيا.
و أخيرا أجمل القول كما يلي:
إن الحوار مع الآخر بلغة حوارية سياسية، هو حوار تبادلي تكاملي لا يحضا بالنجاح إلا بمشاركة الطرفين، في وعي تام بمقومات اللغة الحوارية السياسية عندها تكون الحلول يسيرة و الحرص على نتفيذ الاتفاقيات و متابعة تطبيقها حاضرا.... .
و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
.
.
.
.
بقلم محمد2597
قد لا تختلف لغة الحوار السياسي عن الحوار العام، اللهم في اختلاف طرح موضوعهما
المتمثل في صراع المصالح كبديل للحوار الذي يشمل الجوانب الثقافية و الاجتماعية ، إلا انه
متشابه في البنيات الحوارية التي تستند على الأسلوب الحضاري في طرح موضوعه بطبيعة
سياسية، فهو لغة لفض النزعات و الخلافات المتولــــــــــــــدة عن الصراعات و التصادمات
البشرية، في تضارب المصالح و الحقوق فيما بينا للحفاظ عليها أو كسبها ، فموضوعنا اليوم
يحدد طبيعة هذه اللغة عند المجتمع العربي في بناء حوار سياسي راق .
1—الحوار السياسي فطرة بشرية
لقد تطلب استيعاب خلق الإنسان و استخلافه على الأرض، حوارا إلهيا، تميز بالجرأة و التنبه لأهميته هذا الاستخلاف، وهو شرف رباني حضا به أدم، و بنيت على أساسه سنة بشرية حوارية طبعت في فطرته، فاستخدمها الإنسان في حواره مع ذاته لكي يستوعب نواميس الكون و المحيط ، ثم حواره مع الأخر في ضل التعايش الجماعي و الذي تطور فيما بعد إلى بناء الحضارة، التي همت كل المجالات و منها المجال السياسي.لكنه ظهر الخلاف منذ النشأةفي معارضة إبليس لهذا الخلق و هذا الاستخلاف بمتوعداته لشحن هذه اللغة بدوافع الصراع و التصادم.
2—ضرورة العودة للحوار مع الآخر من جديد حتمية لا بد منها
لقد كانت العودة ملحة إلى الحوار مع الآخر بعد أن نفذت كل الوسائل التي لم تستطع توقيف التصادم و الصراعات كالحروب الطويلة النفس (الآنية مثل حرب العراق) ، دفع بالشعوب المتضررة بدافع العروبة مثلا أو الدين إلى مناهضة مثل هذه الصراعات، فكثفت من أنشطتها الاجتماعية و السياسية لنبد كل أشكال العنف المتولد من الخلاقات السياسية وذلك بالتظاهرات و الاحتجاجات، كتعبير منها على وعيها بأهمية الحوار السياسي بصفة فردية أو جماعية و معارضة أي خرق سافر من شأنه أن يحرم و يقيد الإنسان في ممارسته حقه وحريته الإنسانية .
إنها الحاجة الملحة التي تركز على الحوار الفردي و الجماعي لتذليل العوائق والنزاعات بنفس الأهمية الحاجة التي يكتسيها أيضا ممارسة الحوار على أرض الواقع . صحيح قد يجد النهج الحواري عوائق تؤدي إلى فشله، لا من حيث طبيعة النزعات، و إنما من حيث مميزات لغته ،و التي تحل محلها خيارات عسكرية لتأكيد النزعات القومية الناجمة عن الإقصاء و التهميش السياسي، و بالتالي تفوق القوى المادية على حساب القوى التي تضمن التعايش السلمي لكن العوائد الوخيمة من هذا السلوك العنيف، و الذي لا يخلف سوى التشرد و الضياع ، الانفصال و الضعف، (كمشكلة السودان) يدفع بالتفكير من جديد إلى العودة للحوار مع الآخر لكن بمفهوم جديد أكثر واقعية يحتمل كل الخلافات و يضمن حقوق الآخر. و يسعى إلى تسييس الخلافات العالقة و المستعصية و طرحها بشكل واضح و شفاف يضمن معالجة مصادر النزاع القائم، ثم البث فيه لحله بلغة الحوار السياسي المتمكن .
3—تقنين الحوار مع الأخر بإعطائه مشروعية ذات صبغة مؤسساتية
ولضمان كينونة و سير الحوار السياسي، أو الحوار الذي من أجله تتضارب فيه مصالح وكيانات الأفراد و الجماعة ، وجب تقنينها بإنشاء مؤسسات تشترك فيها كل الفعاليات التي تهم مجالات تحرك الفرد و الجماعة، كالمجالات الثقافية و السياسية و الاجتماعية و التي تدعم و تسهر على سير الحوار السياسي ،وذلك بوضع الخطوط العريضة للخلافات من باب الأولويات لتحديدها، ثم استقرائها و تحليليها، و أخيرا طرحها على مائدة الحوار السياسي في جو تسوده الثقة لبناء حوار بناء يستطيع البث في أي خلاف بدون حساسية متولد من التخلف الناجم في لغة الحوار نفسها . و لا يتأتى كل هذا إلا بوجود هذه المؤسسات الساهرة على تنفيذ كل هذا.
4—عوائق و تحديات الحوار السياسي تكمل في اللغة الحوارية نفسها
1/ لغة الحوار
عندما نتحدث مع الأخر بلغة حوارية فإننا نعني الحوار بلغة الذات، أي الوعي بحوار ذاتي قبل الحوار مع الأخر، و على هذا المفهوم يصبح الطرف الأخر جزءا من ذاتنا لا يخرج كونه ذات بشرية، فنضع احتراما لحدود الخلاف مع الأخر، أي احترام حقوقه و مصالحه، وهي اللغة التي نسعى بها إلى احتواء كل خلافات أطراف النزاع فتصبح لغة حوارية واضحة المعالم يتقبلها الجميع، لكن هناك عوائق قبلية قد تراكمت بفعل عوامل تاريخية و أخرى اجتماعية ميزت اللغة الحوارية السياسية العربية .
2/غياب الوعي السياسي
و بحكم إطلاعي على مختلف أنماط اللغة الحوارية رأيت أن غياب الوعي السياسي يؤثر بشكل عام على اللغة الحوارية السياسي و التي استخلصتها من خلال مواضعي السياسية في حواري الحاد و الجريء في المواقع السياسية ، و بحكم مسيرتي النضالية في الساحة السياسية أيضا .
3/التخلف المرتبط بالنزعة القومية
إن التخلف المرتبط بالنزعة القومية و العصبية ،يولد انفعال حواري ينبني على أساس الصراع في إثبات الهوية و الذات، بخلاف الحوار الهادئ المتفاعل و الذي يعالج صلب الخلاف أو الفاقة الاجتماعية و السياسية المولدة لهذا الخلاف ، مما يعكس ذلك على لغة الحوار فتصبح غير قابلة لتمرير أي خطاب سياسي من شأنه الوصول للتفاهم مع الآخر.
4/ غياب النقد الذاتي
عدم قدرة بعض العقليات على مناقشة مشاكلها الداخلية و الذاتية، كالمتعلقة ببلدها أو جماعتها أو حزبها، معنى هذا أن لغتها الحوارية السياسة تفتقد روح النقد الذاتي لواقع معاش و حقيقي، فكلما كان الحور بعيدا على ملامسة الحقائق (الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية) كلما كانت ناجعة فعالته للوصول إلى حلول ضعيفة و هشة أيضا ، و معنى هذا أن الحوار نفسه يصبح رد فعل لفعل متقدم و هكذا..(جدلية سياسية عقيمة) إنه أشبه بحوار ارتدادي تطغى فيه لغة الرد على لغة التفاعل الذي يحطم تواثب الحوار النافع والذي يتطرق إلى حقائق الخلاف لا البحث عن نقط ضعف الأخر، و هذه هي اللغة التي لا تعني الحوار بثه
5/ اللغة الحوارية الإستباقية (حوار المبادرة)
إن وجود لغة حوارية متفطنة لحقائق الخلافات لدى الشعوب العربية تولد حوار المبادرة ذوا الكفاءة العالية، إنه الطرح السياسي بلغة حوارية إستباقية تتنبأ بتوقعات الخلافات و بالتالي يصبح من اليسر إيجاد حلول لها .فكلما زادت رغبة المتحاور في الحوار تقصى الذات ،تحل روح الجماعة التي ترصد المستقبل الذي يكون فيه الخلاف اقل حدة ،و العكس صحيح أي كلما كانت عوائد الحوار قليلة و الرؤية محدودة كانت رغبة المتحاور في سلوك وسائل متخلفة بلغة لا حوارية أكثر، إنه القصور في الرؤية و إدراك أبعاد الخلاف و نتائجه الوخيمة .
6/ طغيان لغة القوة و العنف في الحوار العربي
وحيث تميزت اللغة الحوارية للإنسان العربية بالقوة و العنف، معنى هذا أن العالم العربي الإسلامي أيضا يسعى إلى اتبات الدموية و الوطنية الحدودية في امتلاك محيط و أرضية الحوار معا ، بل وجدنا من يدعوا إلى الانفصال (جبهة البورساريوا التي تدعمها الجزائر في حلمها للامتلاك الصحراء المغربية) كتجسيد و تأكيد هذه السيطرة التي ميزت لغته تلك لكن الميدان العسكري له حسابات أخرى لفرض واقع حواري آخري يحمل كل الاعتبارات الحقوقية (المشروعية و الأحقية) .
7/ بروز لغة انفصالية في روح الحوار السياسي
ولهذا نجد أن اللغة السياسية الانفصالية تميزت دائما بالتلميح إلى استعمال السلاح و التهديد السلم، إنها في الحقيقة لغة متخاذلة لا تهتم بإيجاد الحلول العادلة، و إنما تهتم لخدمة مصالحها لتأكيد رغبتها الانفصالية (الأكراد بالعراق) ، في الحين و جدنا توحد العالم الغربي بإنشاء أقطاب جيوسياسية و اقتصادية ، بلغة حوارية اشتملت كل الخلافات و المتراكمات الهائلة نتيجة حروب طاحنة (الحربين العالمتين الحروب النزعات القومية) ، و التي بنت وحدة متكاملة أعطتها من القوة لسيادة العالم .
8/ بروز صور سلبية تحملها العقلية العربية في الحوار
تحمل العقلية العربية المتخلفة في الحوار السياسي صورة سلبية في رؤية الأخر، بأنه إسلامي متشدد أو لبرالي حلولي، و بالتالي التربص به و استهدافه كعقلية رجعية متخلفة أو خارجة عن الملة، أو تنمي إلى دول فقيرة وغبية فتشاع النكث و الحكايات (الإنسان السعودي و ما يحمل من غباء.الإنسان المغربية وسذاجته و فقره....) التي تبين بأن الآخر غبيا فكل هذه التحاملات تولد سوء الضن و انعدام الثقة فيرتفع الصوت و تندفع العشوائية ويسود الاستهزاء وتزداد حدة التربص بالآخر، كل هذه الأمور تطغى على اللغة الحوارية السياسية عندها تغيب كل المقومات التفاهم ويصبح الوصول إلى اتفاق مستحيلا.
9/ بروز أفكار تفاضلية من مخلفات الدين و الأعراف
أشير هنا لنقطة مهمة وهي أني أميز بين الخطاب الديني السياسي الراقي و هو موضوع آني يفتح الشهية للبحث فيه، و بين المخلفات و العوالق، نتيجة الفهم الرديء أو المتخلف في قيم و مفاهيم الدينة و الأعراف متولد عن ذلك، ذلك أن رؤية بعض العقليات للأخر رؤية كبريائية و متعجرفة، لا لي شيء سوى أنها لا ينهج السلوك الديني في لغته الحوارية السياسية وبالتالي وجب خضوع الآخر لها لأنه لا يفقه أمور دينه و دنياه في الحقيقة هذه الرؤية هي قمة في التخلف الموجود في عقلية الإنسان العربي الإسلامي بحسب رأيي ، فتكون لغته الحوارية حماسية سلطوية تركز على سلوك الفرد وشخصه و أخلاقه وبعيدة كل البعد عن جوهر الخلافات، وهذه صورة تنعكس على كل التجمعات الإسلامية الحزبية و التجمعات الجمعوية و أيضا حتى في الندوات و اللقاءات التي تحمل طابعا سياسيا.
و أخيرا أجمل القول كما يلي:
إن الحوار مع الآخر بلغة حوارية سياسية، هو حوار تبادلي تكاملي لا يحضا بالنجاح إلا بمشاركة الطرفين، في وعي تام بمقومات اللغة الحوارية السياسية عندها تكون الحلول يسيرة و الحرص على نتفيذ الاتفاقيات و متابعة تطبيقها حاضرا.... .
و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
.
.
.
.
بقلم محمد2597